كان خير الخلق وسيد الأولين والآخرين عليه الصلاة والسلام يقول في النزع الأخير من سكرات الموت :"لا اله إلا ﷲ إن للموت سكرات" ، ثم
نصب يده فجعل يقول : "في الرفيق الأعلى حتى قبض ومالت يده" عليه الصلاة والسلام.
إذا كان للموت سكرات
مع أفضل الخلق . . سيدنا محمد صلى ﷲ عليه وسلم ، فكيف يكون حالنا نحن ؟ ! وماذا سنقول ساعتھا ؟
! وما الذي سنصنعه في تلك اللحظات الحاسمة ؟ ! . .ﷲ المستعان
استمع . .معي إلى ھذا الحوار الذي تدور أحداثه على فراش
الاحتضار بين أرطبون العرب وداھيتھم الصحابي
الجليل عمرو بن العاص وابنه عبد ﷲ رضي ﷲ عنھما أجمعين ، يقول عبد ﷲ بن عمرو رضي ﷲ عنه وھو يوجه ھذا السؤال لأبيه وھو
على فراش الموت : ، كيف حاك يا أبتي ؟ فيقول :يا بني وﷲ كأن جنبي في خشب وكأني أتنفس من سم إبرة ، وكأن غصن شوك يجذب من قدمي الى ھامتي ثم أنشأ يقول
ليتني كنت قبل ما بدا لي تلال في الجبال أرعى
الوعول
واليك المشھد الآخر
:
يحتضر أحد العلماء
وعنده طلابه وھو في النزع ، فيقولون له :كيف
حالك ؟ كيف تجدك ؟ فيقول وھو يصف حاله في ذلك
النزع : أشعر وﷲ كأن
السماوات السبع ينطبقن على الأرض وأنا بينھما وكأن روحي تخرج من سم إبرة ! .
لا إله إلا ﷲ . .ابن آدم يا ابن آدم . .ھل فكرت في يوم مصرعك . .ھل تخيلت انتقالك ، من موضعك . . توھم نفسك ، وقد حلت بك السكرات ، ونزل بك الأنين
والغمرات فقائل :إن فلانا قد أوصي
. . وماله قد أحصى.
وبين قائل :إن فلانا ثقل لسانه ، فلا يعرف جيرانه ولا يكلم إخوانه ، فكأني
بك تسمع الخطاب ولا تقدر على رد الجواب
فتخيل نفسك يا عبد
ﷲ في تلك الساعة
وأنت تحس بالنفس
الذي بين جنبيك يضطرب في نزول وصعود ، والجسم ھناك ممدود، والبصر ، إليه مشدود، والأعضاء دب بھا البرود، وأصبح كل ما
لك من نفس معدود ومحسوب ، تقلب البصر ، في
الأھل والولد، تودعھم والنفس تجود وھم يبكون حولك ، تسمعھم ولا تملك أن تجيب .. يصرخون بك
. .يلتصقون بجسدك لعلك ويتمنون أن تعود . .تعود لتشاركھم فيما كنت تشاركھم فيه
من الحزن أو الفرح ، تحنو عليهم ، تتفقدهم حينما يحتاجونك ، يأنسون بك و تأتي
إليهم ، وها هم اليوم بجوارك و انت جسد أو جثه لا حراك فيها .. قد أخذهم الوجد و
التأثر و الحزن عليك و لفقدك .. أم و ولد ، زوجه و بنية و اخ و اب
ولكن كما قال عز
وجل ، وھو يصف ھذا المشھد (فَلَوْلَا
إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ * وَنَحْنُ
أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ * فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ
غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)
فبينما أنت في كربك
وغمك من ألم الموت ينتابك بسكراته ، قد ألمت بك أحداث جسام لارتقابك إحدى البشريين
من ربك أما إلى جنة أو إلى نار.
إذ نظرت فإذا بصفحة
وجه ملك الموت تفجأك ، تبدو لك و تراها
عيناك ، بأحسن صورة أوبأقبحها . . إذ صرت الآن
في عداد الموتى وفي عالم جديد وحياة أخرى، ألا وھو عالم الآخرة وحياة البرزخ.
فحري بك أن تستعد
لهذه اللحظات الحاسمة ، و انت تعلم يقينا أن لها ما بعدها.
فلو أنا إذا متنا
تركنا لكانت راحة الحي الموت
ولكن ھيھات يقول
تعالى : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَـاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ)
" فاللھم توبة خالصة من ھذه الأقدار، ونهضة صادقة لتصفية
ما بقي من الأكدار ويا محسنا الي قبل ان اطلب لا تخيب أملي فيك وأنا أطلب "
إنتبه يا اخي عن الغفلة عن الله ،، اللهم أجرنا من موت الغفلة.
دمتم على خير.
المصدر
كتاب توهم نفسك
المصدر
كتاب توهم نفسك